إسرائيل وإيران- خطر المواجهة المباشرة وتوسع الحرب في المنطقة

المؤلف: حمود أبو طالب11.19.2025
إسرائيل وإيران- خطر المواجهة المباشرة وتوسع الحرب في المنطقة

يصر بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل تمتلك القدرة على بلوغ أي نقطة في المنطقة، وهو ما يترجم عمليًا، وفقًا لمنطقه، إلى إمطار الأراضي المستهدفة بوابل من القنابل، وتحويل كل ما يعلوها إلى أطلال وبقايا من حياة وأحياء غابرة. فمنذ ما يقارب العام، تنخرط إسرائيل في عمليات إبادة متواصلة في غزة، وبغية طمس ملف قضيتها وتحويله إلى هامش منسي، وجهت أنظارها نحو لبنان، عازمة على استعراض قوتها الغاشمة. فقصفها الجنوني العنيف يطال لبنان دون هوادة، وتتواصل عملياتها لاصطياد كوادر حزب الله، وصولًا إلى المفاجأة المدوية المتمثلة في تصفية زعيم الحزب، حسن نصر الله. وقد أسفرت هذه الاعتداءات عن نزوح عشرات الآلاف من سكان مدن وقرى الجنوب، الذين وجدوا أنفسهم في رحلة تيه لا يعلمون متى ستنتهي. وفي خضم هذا الوضع المتأزم، أطلقت إيران وابلًا من الصواريخ على إسرائيل، التي كانت تعيش أوج لحظات انفعالها، وهو ما اعتبر مجرد تسجيل موقف متأخر لم يسفر عن أضرار جسيمة لإسرائيل، إلا أنه أثار حفيظتها ودفع نتنياهو إلى التأكيد علنًا على أن إسرائيل هي من ستقرر توقيت وكيفية الرد على طهران. وقد يتجسد هذا الرد في استهداف مواقع جديدة لأذرع إيران الأخرى، إلا أن الأمور ستتخذ منحى أكثر خطورة إذا ما أقدمت إسرائيل على توجيه ضربة مباشرة إلى إيران، واستهدفت مواقع استراتيجية فيها، وخاصة المنشآت النووية.

لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر إسرائيل في وضع الدفاع عن النفس، وقد قدمت لها دعمًا مطلقًا في اجتياح غزة، سواء بالعتاد والسلاح أو بالموقف السياسي الداعم، كما أيدتها في قصفها العنيف على لبنان، وأعلنت تضامنها معها في حق الرد على إيران. فبدلًا من أن تتصرف كقوة عظمى في المجتمع الدولي، قادرة على التدخل الفعال لتهدئة الأوضاع والحيلولة دون اتساع رقعة الحرب، فإنها تتعامل كطرف منخرط فيها، وهو ما يزيد الأمور تعقيدًا وغموضًا.

يبدو أننا نعيش بالفعل بداية اليوم التالي، وهو مصطلح كان غامضًا في السابق، إلا أن ملامحه بدأت تتضح الآن، ولا يعني سوى دخول المنطقة مرحلة غير مسبوقة في خطورتها. فإسرائيل عازمة على تصفية ملفات عالقة مهما كلفها ذلك من ثمن، بينما ترفض إيران التراجع عن استراتيجيتها المتمثلة في التواجد في الداخل العربي عن طريق وكلائها، بذريعة الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي لم تجنِ من التدخل الإيراني سوى المزيد من الضرر. فالمواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، إذا ما اندلعت، قد تمتد لتشمل العراق وسوريا واليمن، نظرًا لوجود الميليشيات الموالية لإيران فيها، أما لبنان فقد بات في قلب العاصفة، بينما تراجعت أهمية غزة المدمرة بفعل المستجدات المتسارعة، على الرغم من أن إسرائيل لا تزال تمارس فيها القتل والتدمير على نطاق واسع. فإذا كانت هذه هي بداية اليوم التالي في المنطقة كما يبدو، فكيف ستكون نهايته إذا لم يتحرك المجتمع الدولي لتهدئة هذا الاندفاع المحموم نحو الهاوية؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة